استمر حلم طلب العلم الى خارج البلاد يدغدغني ,
يخبو فترة لكنه لا يغيب , في حين اضحت مسألة التخرج عن المدرسة انتظارا معطلا ,
وتوالت الايام في انتظار مشوب بالحذر ,
انقضيت شهر ابريل بالمدلك لأمنا الصالحة , لانها
مازالت الالم على قلبها رغم ان ابي حول بهجم هذا الالم منذ فترة طويلة , وساومه
بالداء والترياق لها , ولا شفاء موجودا في ذلك الحين
ثم تلاحقت ايام ماي وانا لم اتعلم بعد, كيف اواجه
ما تبقى من الغاز المصير , وفي اول عهدي بالتلميذ تصورت التقاعد محطة عمرية عابرة
, نائية وجوفاء لاتكاد تتميز باي نكهة إحساس او نكهة , اما اليوم فقد تغير الحال ولو
اعد اكابد الاحاسيس وهي تنخر كياني فحسب , وانما اضحى الكيان نفسه مستقرا ازاليا
لأسئلة غريبة لم تكن في الحسبان خلال عهد الصبيان ,
شهر واحد بيني وبين نهاية المدرسة العالية , ملابس
المعهدية بعثتها الى البيت . وكان ابي لطيفا في استئذان الغياب والقول الى شيخنا
الكرم نفعان الدماكي . علما بان والداتي مريض قوي بعد خروجها من المستشفى ذز
كاريادي السماراني .ومنحني خلال الشهر ماي المتبقى شبه عطلة معهدية . انقطعت فيها
عن التعلم باذن ان ابر والدتي مرة مستمرة في كل يوم و ليلة .
ثم دخلنا العشر الاواخر من ماي , وفي 25 لم امر على
اذني احاديث جديدة حول النجاح الدراسي . وقررت بان لا اخرج عن البيت حتى يخبرني
احد اصدقائي بالرسالة القصيرة عبر الهاتف.
وكلما اقترب اليوم الاخير رادت حالة الطوارئ
الداخلية وفكرت بجدية في قضية الجامعة وما حولها , املا ان اذيب بها بعضا من سديم
المجهول , لا بد ان ابدأ من الان بشحن النفس والاستعدا السيكولوجي ,
اخطط وابني واهدم . اجول بخيالي في ازفة المدينة .
استعرض وجوه المعارف والجيران والانترنيت . متى سادرس ؟ اين سادرس ؟ وينتهي بي
الحال الى شرود .
وحتى اوائل يونيو اخبرني صديقي لاذهب الى المدرسة
"قدسية " في اصبح وقت . غادرت الفراش قبيل الفجر . صليت الصبح وقرأت
القران في غرفتي العليا .وعشت على اخر من الجمر انصرام الدقائق . فانصرفت وذهبت
الى مدرستنا الحبيبة "قدسية" يتنازعني عن شعور حائر بين التلكئ والخفة
وايضا لاتناول الاعلان الجديد من وزارة التعليم العالي . هل نجحت او لم انجح ؟ .
وابحث رقم ابوجي ( رقم الخاص للطالب ) عن موقع شبكة العنكبوت حول نجاح الدراسي
بالهاتف .
واستقبلني الحارس امام المدرسة وانا واقف كتلميذ
صغير الذي لا يدري اين سيدرس واين قسمي. اصبح الامر غريبا كما بدأ .
وقال لي بدون
ابتسام :
" عليك ان تطل ولو بخمس دقائق , ! من انت ؟
وماذا تريد ؟لا يسمح لك بالدخول "
غضبني بالقول الذي يكرهني . ولم اخف من التنبه بل
يشجعني ان يشوشه . وقلت له
" لم لا ؟ هل لست من التلميذ ؟ "
فسمح لي بالدخول الى الادارة . ووجدني استاذي
العزيز بفرح . لا اعلم من اين صدر . وعرفت بان الشركة لا تصدر هذه الفرح الا في
اول الشهرلموظفها . لكن الظنون يملئني بفكرة سيئة . فتبسم استاذي تبسما خفيفا
كاقمر في اول الشهر . واخرج من جيبه الرسالة الصغيرة . فقال لي :
"افتح و ارتاح "
"افتح و ارتاح "
استمر الى الحلقة القادمة......